نحن مع غزة


الإهداءات

العودة   منتديات شباب فلسطين > محطات عامـة > الــوآحــة الـعــآمّــة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-30-2009, 01:26 PM   #21
الطالب المجتهد
زائر


افتراضي رد: قصص الصحابة رضي الله عنهم والتابعين..

أما ما يتشدق به البعض من نقلهم عن اسحاق بن راهوية أنه قال : ( لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل معاوية شيء ) .


فلا يثبت عنه ، فقد أخرج الحاكم كما في السير للذهبي (3/132) والفوائد المجموعة للشوكاني ( ص 407) عن الأصم أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم حدثنا أبي ، سمعت ابن راهوية فذكره . و في الفوائد : سقطت ( حدثنا أبي ) ، و هي ثابتة فالأصم لم يسمع من ابن راهوية .


قلت : يعقوب بن يوسف بن معقل أبو الفضل النيسابوري والد الأصم مجهول الحال ، فقد ترجمة الخطيب في تاريخه (14/286) فما زاد على قوله : قدم بغداد وحدث بها عن إسحاق بن راهوية ، روى عنه محمد بن مخلد .


ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، وله ذكر في ترجمة ابنه من السير (15/453) ولم يذكر فيه الذهبي أيضاً جرحاً ولا تعديلاً ، وذكر في الرواة عنه عبد الرحمن بن أبي حاتم ، ولم أجده في الجرح والتعديل ، ولا في الثقات ابن حبان . و بهذا فإن هذا القول ضعيف لم يثبت عن إسحاق بن راهوية رحمه الله .


و الذين لا يعرفون سيرة معاوية يستغربون إذا قلت لهم بأنه كان من الزاهدين و الصفوة الصالحين ، روى الإمام أحمد بسنده إلى علي بن أبي حملة عن أبيه قال : رأيت معاوية على المنبر بدمشق يخطب الناس و عليه ثوب مرقوع . كتاب الزهد (ص 172) .


و أخرج ابن كثير عن يونس بن ميسر الزاهد - و هو أحد شيوخ الإمام الأوزاعي - قال : رأيت معاوية في سوق دمشق و هو مردف وراءه وصيفاً و عليه قميص مرقوع الجيب و يسير في أسواق دمشق . البداية و النهاية (8/134) .


و قد أوردت هذه الأمثلة ليعلم الناس أن الصورة الحقيقية لمعاوية تخالف الصورة المكذوبة التي كان أعداؤه و أعداء الإسلام يصورونه بها ، فمن شاء بعد هذا أن يسمي معاوية خليفة ، أو أمير المؤمنين ، فإن سليمان بن مهران - الأعمش - و هو من الأئمة الأعلام الحفاظ كان يسمى بالمصحف لصدقه ، كاد يفضل معاوية على عمر بن عبد العزيز حتى في عدله .


و من لم يملأ - أمير المؤمنين - معاوية عينه ، و أراد أن يضن عليه بهذا اللقب ، فإن معاوية مضى إلى الله عز وجل بعدله و حلمه و جهاده و صالح عمله ، وكان و هو في دنيانا لا يبالي أن يلقب بالخليفة أو الملك . انظر حاشية محب الدين الخطيب على العواصم من القواصم (ص 217) .


و ذكر ابن العربي في كتابه العواصم أنه دخل بغداد و أقام فيها زمن العباسيين و المعروف أن بين بني العباس و بني أمية ما لا يخفى على الناس ، فوجد مكتوباً على أبواب مساجدها خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم معاوية خال المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين . العواصم من القواصم (ص 229-230) .

و قد سئل عبد الله بن المبارك ، أيهما أفضل : معاوية بن أبي سفيان ، أم عمر بن عبد العزيز ؟
فقال : و الله إن الغبار الذي دخل في أنف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من عمر بألف مرة ، صلى معاوية خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : سمع الله لمن حمده ، فقال معاوية : ربنا ولك الحمد . فما بعد هذا ؟ وفيات الأعيان ، لابن خلكان (3 /33) ، و بلفظ قريب منه عند الآجري في كتابه الشريعة (5/2466) .
  اقتباس المشاركة
قديم 04-30-2009, 01:26 PM   #22
الطالب المجتهد
زائر


افتراضي رد: قصص الصحابة رضي الله عنهم والتابعين..

و أخرج الآجري بسنده إلى الجراح الموصلي قال : سمعت رجلاً يسأل المعافى بن عمران فقال : يا أبا مسعود ؛ أين عمر بن عبد العزيز من معاوية بن أبي سفيان ؟! فرأيته غضب غضباً شديداً و قال : لا يقاس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحد ، معاوية رضي الله عنه كاتبه و صاحبه و صهره و أمينه على وحيه عز وجل . كتاب الشريعة للآجري ( 5/2466-2467) شرح السنة لللالكائي ، برقم (2785) . بسند صحيح .

و كذلك أخرج الآجري بسنده إلى أبو أسامة ، قيل له : أيهما أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز ؟
فقال : أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقاس بهم أحد . كتاب الشريعة (5/2465-2466) بسند صحيح ، و كذلك أخرج نحوه الخلال في السنة ، برقم (666) .

و قد قال عبد الله بن المبارك رحمه الله : معاوية عندنا محنة ، فمن رأيناه ينظر إليه شزراً اتهمناه على القوم ، يعني الصحابة . انظر البداية والنهاية لابن كثير (8/139) .

و سئل الإمام أحمد : ما تقول رحمك الله فيمن قال : لا أقول إن معاوية كاتب الوحي ، ولا أقول إنه خال المؤمنين فإنه أخذها بالسيف غصباً ؟
قال أبو عبد الله : هذا قول سوء رديء ، يجانبون هؤلاء القوم ، ولا يجالسون ، و نبين أمرهم للناس . انظر : السنة للخلال (2/434) بسند صحيح .

وقال الربيع بن نافع الحلبي ( ت 241 هـ ) رحمه الله : معاوية ستر لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فإذا كشف الرجل الستر اجترأ على ما وراءه . البداية والنهاية (8/139) .

فوائد ..
قال محب الدين الخطيب رحمه الله : سألني مرة أحد شباب المسلمين ممن يحسن الظن برأيي في الرجال ما تقول في معاوية ؟ فقلت له : و من أنا حتى اسأل عن عظيم من عظماء هذه الأمة ، و صاحب من خيرة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، إنه مصباح من مصابيح الإسلام ، لكن هذا المصباح سطع إلى جانب أربع شموس ملأت الدنيا بأنوارها فغلبت أنوارها على نوره . حاشية محب الدين الخطيب على كتاب العواصم من القواصم ( ص 95) .

و قبل أن أختم ، أورد رأياً طريفاً للمؤرخ العلامة ابن خلدون في اعتبار معاوية من الخلفاء الراشدين فقد قال : إن دولة معاوية و أخباره كان ينبغي أن تلحق بدول الخلفاء الراشدين و أخبارهم ، فهو تاليهم في الفضل والعدالة والصحبة . أنظر هذا القول في العواصم من القواصم ( ص 213) .

و ما ضر المسك معاوية عطره ، أن مات من شمه الزبال والجعل .. رغم أنف من أبى ..

و جزاكم الله خيراً ..

--------------------
(1) معاوية رضي الله عنه هو الميزان في حب الصحابة : هو أحد كتاب الوحي .. وهو الميزان في حب الصحابة .. ومفتاح الصحابة ..!!
رضي الله عن الخلفاء الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي .. وعن الصحابة أجمعين .. وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ..!!
قال ابن تيمية رحمه الله : كل من كان عن التوحيد والسنة أبعد ، كان إلى الشرك والابتداع والافتراء أقرب
  اقتباس المشاركة
قديم 04-30-2009, 01:27 PM   #23
الطالب المجتهد
زائر


افتراضي رد: قصص الصحابة رضي الله عنهم والتابعين..

عباد بن بشر

معه من الله نور



عندما نزل مصعب بن عمير المدينة موفدا من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليعلم الأنصار الذين بايعوا الرسول على الاسلام، وليقيم بهم الصلاة، كان عباد بن بشر رضي الله عنه واحدا من الأبرار الذين فتح الله قلوبهم للخير، فأقبل على مجلس مصعب وأصغى اليه ثم بسط يمينه يبايعه على الاسلام، ومن يومئذ أخذ مكانه بين الأنصار الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه..

وانتقل النبي الى المدينة مهاجرا، بعد أن سبقه اليها المؤمنون بمكة.

وبدأت الغزوات التي اصطدمت فيها قوى الخير والنور مع قوى الظلام والشر.

وفي تلك المغازي كان عباد بن بشر في الصفوف الأولى يجاهد في سبيل الله متفانيا بشكل يبهر الألباب.



**



ولعل هذه الواقعة التي نرويها الآن تكشف عن شيء من بطولة هذا المؤمن العظيم..

بعد أن فرغ رسول الله والمسلمين من غزوة ذات الرقاع نزلوا مكانا يبيتون فيه، واختار الرسول للحراسة نفرا من الصحابة يتناوبونها وكان منهم عمار بن ياسر وعباد بن بشر في نوبة واحدة.

ورأى عباد صاحبه عمار مجهدا، فطلب منه أن ينام أول الليل على أن يقوم هو بالحراسة حتى يأخذ صاحبه من الراحة حظا يمكنه من استئناف الحراسة بعد أن يصحو.

ورأى عباد أن المكان من حوله آمن، فلم لا يملأ وقته اذن بالصلاة، فيذهب بمثوبتها مع مثوبة الحراسة..؟!

وقام يصلي..

واذ هو قائم يقرأ بعد فاتحة الكتاب سور من القرآن، احترم عضده سهم فنزعه واستمر في صلاته..!

ثم رماه المهاجم في ظلام الليل بسهم ثان نزعه وأنهى تلاوته..

ثم ركع، وسجد.. وكانت قواه قد بددها الاعياء والألم، فمدّ يمينه وهو ساجد الى صاحبه النائم جواره، وظل يهزه حتى استيقظ..

ثم قام من سجوده وتلا التشهد.. وأتم صلاته.

وصحا عمار على كلماته المتهدجة المتعبة تقول له:

" قم للحراسة مكاني فقد أصبت".

ووثب عمار محدثا ضجة وهرولة أخافت المتسللين، ففرّوا ثم التفت الى عباد وقال له:

" سبحان الله..

هلا أيقظتني أوّل ما رميت"؟؟

فأجابه عباد:

" كنت أتلو في صلاتي آيات من القرآن ملأت نفسي روعة فلم أحب أن أقطعها.

ووالله، لولا أن أضيع ثغرا أمرني الرسول بحفظه، لآثرت الموت على أن أقطع تلك الآيات التي كنت أتلوها"..!!



**
  اقتباس المشاركة
قديم 04-30-2009, 01:27 PM   #24
الطالب المجتهد
زائر


افتراضي رد: قصص الصحابة رضي الله عنهم والتابعين..


كان عباد شديد الولاء والحب لله، ولرسوله ولدينه..

وكان هذا الولاء يستغرق حياته كلها وحسه كله.

ومنذ سمع النبي عليه الصلاة والسلام يقول مخاطبا الأنصار الذين هو منهم:

" يا معشر الأنصار..

أنتم الشعار، والناس الدثار..

فلا أوتيّن من قبلكم".



نقول منذ سمع عباد هذه الكلمات من رسوله، ومعلمه، وهاديه الى الله، وهو يبذل روحه وماله وحياته في سبيل الله وفي سبيل رسوله..

في مواطن التضحية والموت، يجيء دوما أولا..

وفي مواطن الغنيمة والأخذ، يبحث عنه أصحابه في جهد ومشقة حتى يجدوه..!

وهو دائما: عابد، تستغرقه العبادة..

بطل، تستغرقه البطولة..

جواد، يستغرقه الجود..

مؤمن قوي نذر حياته لقضية الايمان..!!

وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:

" ثلاثة من الأنصار لم يجاوزهم في الفضل أحد:

" سعد بن معاذ..

وأسيد بن خضير..

وعبّاد بن بشر...



**



وعرف المسلمون الأوائل عبادا بأنه الرجل الذي معه نور من الله..

فقد كانت بصيرته المجلوّة المضاءة تهتدي الى مواطن الخير واليقين في غير بحث أو عناء..

بل ذهب ايمان اخوانه بنوره الى الحد الذي أسبغوا عليه في صورة الحس والمادة، فأجمعوا على ان عبادا كان اذا مشى في الظلام انبعثت منه أطياف نور وضوء، تضيء له الطريق..



**



وفي حروب الردة، بعد وفاة الرسول عليه السلام، حمل عباد مسؤولياته في استبسال منقطع النظير..

وفي موقعة اليمامة التي واجه المسلمون فيها جيشا من أقسى وأمهر الجيوش تحت قيادة مسيلمة الكذاب أحسّ عبّاد بالخطر الذي يتهدد الاسلام..

وكانت تضحيته وعنفوانه يتشكلان وفق المهام التي يلقيها عليه ايمانه، ويرتفعان الى مستوى احساسه بالخطر ارتفاعا يجعل منه فدائيا لا يحرص على غير الموت والشهادة..



**
  اقتباس المشاركة
قديم 04-30-2009, 01:28 PM   #25
الطالب المجتهد
زائر


افتراضي رد: قصص الصحابة رضي الله عنهم والتابعين..

وقبل أن تبدأ معركة اليمامة بيوم، رأى في منامه رؤيا لم تلبث أن فسرت مع شمس النهار، وفوق أرض المعركة الهائلة الضارية التي خاضها المسلمون..

ولندع صحابيا جليلا هو أبو سعيد الخدري رضي الله عنه يقص علينا الرؤيا التي رآها عبّاد وتفسيره لها، ثم موقفه الباهر في القتال الذي انتهى باستشهاده..

يقول أبو سعيد:

" قال لي عباد بن بشر يا أبا سعيد رأيت الليلة، كأن السماء قد فرجت لي، ثم أطبقت عليّ..

واني لأراها ان شاء الله الشهادة..!!

فقلت له: خيرا والله رأيت..

واني لأنظر اليه يوم اليمامة، وانه ليصيح بالأنصار:

احطموا جفون السيوف، وتميزوا من الناس..

فسارع اليه أربعمائة رجل، كلهم من الأنصار، حتى انتهوا الى باب الحديقة، فقاتلوا أشد القتال..

واستشهد عباد بن بشر رحمه الله..

ورأيت في وجهه ضربا كثيرا، وما عرفته الا بعلامة كانت في جسده..



**





هكذا ارتفع عباد الى مستوى واجباته كؤمن من الأنصار، بايع رسول الله على الحياة لله، والموت في سبيله..

وعندما رأى المعركة الضارية تتجه في بدايتها لصالح الأعداء، تذكر كلمات رسول الله لقومه الأنصار:

" أنتم الشعار..

فلا أوتيّن من قبلكم"..

وملأ الصوت روعه وضميره..
  اقتباس المشاركة
قديم 04-30-2009, 01:28 PM   #26
الطالب المجتهد
زائر


افتراضي رد: قصص الصحابة رضي الله عنهم والتابعين..

حتى لكأن الرسول عليه الصلاة والسلام قائم الآن يردده كلماته هذه..

وأحس عباد أن مسؤولية المعركة كلها انما تقع على كاهل الأنصار وحدهم.. أو على كاهلهم قبل سواهم..

هنالك اعتلى ربوة وراح يصيح:

" يا معشر الأنصار..

احطموا جفون السيوف..

وتميزوا من الناس..

وحين لبّى نداءه أربعمائة منهم قادهم هو وأبو دجانة والبراء ابن مالك الى حديقة الموت حيث كان جيش مسيلمة يتحصّن.. وقاتل البطل القتال اللائق به كرجل.. وكمؤمن.. وكأنصاري..



**



وفي ذلك اليوم المجيد استشهد عباد..

لقد صدقت رؤياه التي رآها في منامه بالأمس..

ألم يكن قد رأى السماء تفتح، حتى اذا دخل من تلك الفرجة المفتوحة، عادت السماء فطويت عليه، وأغلقت؟؟

وفسرّها هو بأن روحه ستصعد في المعركة المنتظرة الى بارئها وخالقها..؟؟

لقد صدقت الرؤيا، وصدق تعبيره لها.

ولقد تفتحت أبواب السماء لتستقبل في حبور، روح عبّاد بن بشر..


الرجل الذي كان معه من الله نور..!!
  اقتباس المشاركة
قديم 04-30-2009, 01:29 PM   #27
الطالب المجتهد
زائر


افتراضي رد: قصص الصحابة رضي الله عنهم والتابعين..

الصـــــــحابة
راهب الليل
عبد الله بن عمر بن الخطاب
إنه الصحابي الكريم عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، ولد بعد البعثة النبوية الشريفة بثلاث سنوات، وعندما هاجر كان عمره إحدى عشرة سنة، وفي غزوة أحد أراد أن يخرج للجهاد، فعرض نفسه على النبي ( فردَّه لصغر سنه، وفي غزوة الخندق ظل يلح على النبي ( حتى وافق على خروجه، وكان عمره خمس عشرة سنة، واستمر بعد ذلك يجاهد في جميع الغزوات والمواقع.
وكان -رضي الله عنه- يتبع آثار النبي ( ويقتدي به في جميع أموره؛ لدرجة أنه كان يتحرى أن يصلي في كل مكان صلى فيه النبي (، ويسير في كل طريق سار فيه، رجاء أن توافق صلاته أو مشيته مكانًا صلى فيه الرسول ( أو سار فيه، وعلم أن النبي ( نزل تحت شجرة يستظل بها، فكان عبدالله ينزل عندها، ويتعهدها بالسقي فيصب في جذرها حتى لا تيبس. [ابن سعد].
يقول عبد الله: كان الرجل في حياة النبي ( إذا رأى رؤيا قصها على النبي (، فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي (، وكنت غلامًا شابًا، وكنت أنام في المسجد على عهد النبي (، فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا لها قرنان، وإذا فيها أناس قد عرفتهم فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، فلقينا ملك آخر، فقال لي: لم ترع (لا تخف)، فقصصتها على حفصة (أخته وزوج النبي ()، فقصتها حفصة على النبي (، فقال: (نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل) قال سالم: فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلاً [متفق عليه]. وكان إذا فاتته العشاء في جماعة، أحيي بقية ليلته. [أبو نعيم]، وكان لعبد الله مهراس (حجر مجوف) يوضع فيه الماء للوضوء فيصلي ما قدر له، ثم يصير إلى الفراش فيغض إغفاء الطائر (ينام نومًا قصيرًا)، ثم يقوم فيتوضأ ويصلي، يفعل ذلك في الليل أربع مرات أو خمسًا. [ابن المبارك].
وكان عبد الله من أهل التقوى والورع والعلم، وكان مع علمه الشديد يتحرى في فتواه، ويخاف أن يفتي بدون علم، وقد جاءه يومًا رجل يستفتيه في شيء، فأجابه معتذرًا: لا علم لي بما تسأل عنه، ثم فرح وقال: سئل ابن عمر عما لا يعلم فقال: لا أعلم. وقال عنه ميمون بن مهران: ما رأيت أتقى من ابن عمر.
وكان كارهًا لمناصب الدنيا، خائفًا من تحمل أعبائها، وقد أرسل إليه
عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وعرض عليه منصب القضاء فرفض ابن عمر، وكان عبد الله يحب الحق ويكره النفاق، وقد جاء إليه عروة بن الزبير بن العوام وقال له: يا أبا عبد الرحمن، إنا نجلس إلى أئمتنا هؤلاء فيتكلمون بالكلام، ونحن نعلم أن الحق غيره فنصدقهم، ويقضون بالجور (أي يحكمون بين الناس بغير الحق) فنقويهم ونحسنه لهم، فكيف ترى في ذلك؟! فقال ابن عمر لعروة: يابن أخي، كنا مع رسول الله ( نعدَّ هذا النفاق، فلا أدرى كيف هو
عندكم؟!
  اقتباس المشاركة
قديم 04-30-2009, 01:29 PM   #28
الطالب المجتهد
زائر


افتراضي رد: قصص الصحابة رضي الله عنهم والتابعين..

وذات يوم رأى رجلاً يمدح رجلاً آخر، فأخذ ابن عمر ترابًا ورمى به في وجهه وقال له: إن رسول الله ( قال: (إذا رأيتم المدَّاحين فاحثوا (ألقوا) في وجوههم التراب) [مسلم]. وكان رقيق القلب، حسن الطباع، لا يسمع ذكر النبي ( إلا بكى، وما كان يمر بمسجده وقبره ( إلا بكى حبًّا وشوقًا إليه.
وكان حسن الخلق لم يلعن خادمه قط، ولم يسَبَّ أحدًا طوال حياته، وقد ارتكب خادمه خطأ ذات مرة فهمَّ أن يشتمه، فلم يطاوعه لسانه، وندم على ما همَّ به فأعتقه لوجه الله تعالى، وكان قارئًا للقرآن، خاشعًا لله، وكلما قرأ أو سمع آية فيها ذكر القيامة بكى حتى تبتل لحيته من كثرة الدموع، فعن نافع قال: كان ابن عمر إذا قرأ: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله} [الحديد: 16] بكى حتى يغلبه البكاء. [أبو نعيم].
وكان يعظم صحابة النبي ( ويعرف قدرهم، وكان يخرج إلى السوق من أجل السلام على المسلمين فقط، وكان كثير التصدق وجوادًا كريمًا يكثر الإنفاق في سبيل الله، وكان إذا أحب شيئًا أو أعجب به أنفقه في سبيل
الله، وكان من أشد الناس زهدًا في نعيم الدنيا، ومن أحسن الناس حبا لفعل
الخير، فيحكى أنه كان مريضًا فقال لأهله: أني أشتهي أن آكل سمكًا فأخذ الناس يبحثون له عن سمك فلم يجدوا إلا سمكة واحدة بعد تعب شديد، فأخذتها زوجته صفية بنت أبي عبيدة فأعدتها، ثم وضعتها أمامه فإذا بمسكين يطرق الباب، فقال له ابن عمر: خذ هذه السمكة، فقال أهله: سبحان الله! قد أتْعَبتنا حتى حصلنا عليها، وتريد أن تعطيها للمسكين؟! كلْ أنت السمكة وسنعطي له درهما فهو أنفع له يشتري به ما يريد.
فقال ابن عمر: لا أريد أن أحقق رغبتي وأقضي شهوتي، إنني أحببت هذه السمكة فأنا أعطيها المسكين إنفاقًا لِمَا أُحِبُّ في سبيل الله. [ابن سعد وأبو نعيم والهيثمي].
وبينما كان عبد الله -رضي الله عنه- يؤدي فريضة الحج أصابه سن رمح كان مع أحد الرجال في منى فجرحه، فأدى هذا الجرح إلى وفاته، ودفن بمكة في سنة (73هـ)، وقد روى كثيرًا من أحاديث الرسول (، حيث روى ألفين وست مئة وثلاثين حديثًا.

  اقتباس المشاركة
قديم 04-30-2009, 01:30 PM   #29
الطالب المجتهد
زائر


افتراضي رد: قصص الصحابة رضي الله عنهم والتابعين..

بعض الخصائص التى تميز بها الصحابه
جهدهم المنقطع النظير في الدنيا ، قد يأتي أفراد في الدنيا يكونون في الزهد على درجة عالية ، لكن الزهد الجماعي الذي عاشه الصحابة، والتخلي عن ملذات الدنيا ، وطلب رضوان الله عز وجل ، وطلب ما عند الله عز وجل أمر عظيم ، وفي حديث أبي هريرة المشهور ، قال : صليت المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما انصرف الناس تعرضت لعمر بن الخطاب ما بي إلا الجوع ، الجوع الشديد الذي كان يصيب أبا هريرة ، حتى يقول : والذي نفي بيده لقد كنت اصرع بين المنبر وبين بيت الرسول صلى الله عليه وسلم من شدة الجوع ، فيظن الناس أن بي مسا من الجنون !
قال : فتصديت لعمر فسألته عن الآيات من أواخر سورة آل عمران فتلاها .
قال : فتصديت لأبي بكر وسألته عن الآيات .
قال : اعرفها ، فتلاها علي
فخرج صلى الله عليه وسلم فتصدى له أبو هريرة ، فسأله عن الآيات من آخر سورة آل عمران ، فضحك صلى الله عليه وسلم ، ثم اخذه بيده ودخل على إحدى زوجاته .
فقال : أعندكم طعام .
قالت لا ، إلا شيء من لبن أرسله لنا بنو فلان من الأنصار .
قال : يا أبا هريرة ،أطلق إلى أهل الصفة فتعال بهم .
قال أبو هريرة لنفسه :ماذا يصنع هذا اللبن مع أهل الصفة ؟ وهم فقراء بالعشرات في المسجد ، وماذا يبقى لي ، قال : فاخذوا أماكنهم.
قال صلى الله عليه وسلم : (( يا أبا هريرة ، خذ الكوب وناول الناس )) ، فيأخذ الإناء يملؤه ويعطيهم واحدا واحداً ، حتى رووا من اللبن .
قال : (( يا أبا هريرة ، بقيت أنا وأنت )) .
قال : صدقت ، يا رسول الله .
قال : (( اشرب )) .
والرسول صلى الله عليه وسلم يبتسم .
فشرب ، قال: (( زد )) ، فشرب ، قال : ( زد)) ،فشرب قال : (( زد )) .
قال : والذي نفسي بيده ، يا رسول الله ، لا أجد له مسلكا .
رأى ابن عمر رفقة من أهل اليمن ، رحالهم الجلود الممزقة القديمة ، فقال : من أحب أن ينظر إلى شبه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى هؤلاء .
وعن عائشة قالت : مات أبو بكر فما ترك دينارا ولا درهما ، وكان قد أخذ قبل ذلك ماله فألقاه في بيت المال .
وفي سيرة أبي بكر ، رضي الله عنه : انه ترك بغلة وثوبين ، فدفعهما إلى عمر ، وكتب له سطرين ، قال : يا عمر ، قد وليتك امر أمة محمد ، فاتق الله ، لا يصرعنك الله مصرعا كمصرعي .
فلما وصلت عمر جلس يبكي ، ويقول : أتعبت الخلفاء بعدك ، يا أبا بكر .
وفي (( كتب السير )) أن سعد بن أبي وقاص لما فتح المدائن وجد المائدة الكبرى ؛ مائدة انو شروان ، مائدة مرصعة بالذهب والزمرد واللؤلؤ والدر .
فحملوها على الرؤوس ، ووضعوها على جمل ، وأرسلوها لعمر .
فلما رآها عمر بكى ، وقال : والذي نفسي بيده ، إن رجالا بلغوها اياي لأمناء .
فهذا زهدهم ، رضي الله عنهم ، الذي ميزهم عن غيرهم .



علم اليقين ، فهم ارفع من كل الطبقات والقرون بعلم اليقين أي : انهم يعبدون الله بعلم اليقين ،فالواحد منهم في الصباح يذهب إلى المعركة ، ويقول لأهله : استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه .
قالوا : تعود إلينا ؟
قال : والله ، لا أعود ، أريد جنة عرضها السماوات والأرض .
ابن رواحة يقول له الصحابة : يا ابن رواحة عد لنا بالسلامة .
قال لا ، لا أريد أن أعود .
قالوا : لماذا ؟
قال :
لكنني أسأل الرحمن مغفرة *** وطعنة ذات فرغ تقذف الزبدا
حتى يقال إذا مروا على جدثي *** يا ارشد الله من غاز وقد رشدا
  اقتباس المشاركة
قديم 04-30-2009, 01:30 PM   #30
الطالب المجتهد
زائر


افتراضي رد: قصص الصحابة رضي الله عنهم والتابعين..

ذكر عن علي ، رضي الله عنه وأرضاه ، انه قال : والذي نفسي بيده لو كشف الله لي الغطاء ما زدت على ما عندي من إيمان حبة خردل .
ونحن عندنا الظن ، يعني : نصدق بأن هناك جنة ، لكن أعمالنا وتطبيقنا وصلاحنا لا يدل على هذا .
ومن الناس من وصل إلى حال مناقض لحال الصحابة ، فلم يعد يبصر إلا المادة .
يقول أحدهم وهو المتنبي
خذ ما رأيت ودع شيئا ودع شيئا سمعت به *** في طلعة البدر ما يغنيك عن زحل
أي : تعجل شهوات ، ويقول آخر :
لبست ثوب العمر لم استشر وتهت فيه بين شتى الصور
فما أطال النوم عمرا ولا *** قصر في الأعمار طول السهر
يقول : اشرب ، وكل ، واعص الله ، فانك لا تدري ما النتيجة تخرج ، أو لا تخرج من هذه الدنيا !!
فالصحابة كانوا يعبدون الله على علم اليقين .



اهتمامهم باجتماع الكلمة ، ونبذ الفرقة فإن الله سبحانه وتعالى ذم الخلاف ، ونهى عن التفرق ، فقال )وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا )(آل عمران: من الآية 103) ، وقال سبحانه وتعالى : {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (آل عمران:105) ، فالصحابة كانوا يحرصون على اجتماع الكلمة ، وكانوا نصحة .
فعن سليم بن قيس العامري ،قال : سأل ابن الكوا – أحد الخوارج – عليا عن السنة والبدعة ، وعن الجماعة والفرقة .
فقال : يا ابن الكوا ، حفظت المسالة ، فافهم الجواب : السنة ، والله ، سنة محمد صلى الله عليه وسلم ، والبدعة ما فارقها ، والجماعة ،والله ، ما اجتمع عليه أهل الحق ، وان قلوا ، والفرقة ما فارق ذلك ، واجتمع عليه أهل الباطل .
وجاء رجل إلى علي ، رضي الله عنه ، فقال : يا ابن أبي طالب ، أتدري أن أولئك على باطل وأنت على حق ؟
قال : ويل ، اعرف الحق تعرف أهله ، ولا تعرف الحق بالرجال .
فكانوا يحرصون على اجتماع الكلمة .
ومن ذلك : ما جاء عن قتادة قال : لما بلغ ابن مسعود أن عثمان صلى بمنى أربعا استرجع ،ثم قام فصلى أربعا .
فقيل له استرجعت ثم صليت أربعا .
قال : الخلاف شر ، الخلاف شر .
فكانوا ، رضي الله عنهم ، احرص الناس على الائتلاف ونبذ الفرقة .
  اقتباس المشاركة
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:15 PM.